القائمة الرئيسية

الصفحات


بسم الله الرحمن الرحيم 

أحكام تأديب الزوجة في الفقه الإسلامي
بحث محكَّم

الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله ثم أما بعد ..
لا يفرّق كثيرٌ من الأزواج بين القوامة و العنف الأسري و كذلك الحال في النساء لا تعرف الحقوق و الواجبات الزوجية و مدى الفرق بينها ... و لأهمية هذا الموضوع قررنا أن نلخص لكم بحثاً علمياً نشر في مجلة العدل التابعة لوزارة العدل في المملكة العربية السعودية  في عددها رقم ( 52 ) شوال عام 1432 هـ لمحاولة إزالة اللبس في كثير الأفكار و لتغيير كثير من التصورات الخاطئة على ضوء الفقه الإسلامي ..
قام بإعداد هذا البحث الدكتور / عبد الله بن سليمان العجلان . الأستاذ المشارك في كلية الملك فهد الأمنية .

ذكر في المقدمة مدى اعتناء الإسلام بهذه العلاقة ( ولقد اعتنى الإسلام بشأن الزواج عناية كبيرة ، ونظم أحكامه وآدابه ، وأوجب حقوقاً لكل من الزوجين علي الآخر ، لتستقيم أمورهما ، وتقوي أواصر المحبة و الإلفة بينهما ، ويسود الوفاق ويزول الشقاق... )

ثم ذكر مفهوما للقوامة ( فالقوامة إذن تشريف للمرأة وتكريم لها ؛ بأن جعلها تحت قيِّم يقوم بشؤونها ، وينظر في مصالحها ويذب عنها ، ويبذل الأسباب المحققة لسعادتها وطمأنينتها . )

ثم ذكر أسباب اختياره لهذا الموضوع و التي منها (  ... تفشي ظاهرة العنف الأسري الذي اتخذ أشكالاً وأنماطاً جديدة لم تكن معروفة في مجتمعنا الإسلامي . )

ثم بدأ يفصل في معنى القوامة بذكر تعريفها  ( تعريف القوامة : القوامة في اللغة : من قام علي الشئ يقوم قياماً : أي حافظ عليه وراعى مصالحه ، ومن ذلك القيِّم ، وهو الذي يقوم على شأن شيء ويليه ، ويصلحه ، والقيم هو السيد ، وسائس الأمر ، وقيم المرأة هو زوجها أو وليها ؛ لأنه يقوم بأمرها وما تحتاج
وفي الاصطلاح لا تخرج القوامة عن مدلولها اللغوي ، فهي ولاية يفوض بموجبها الزوج تدبير شؤون زوجته والقيام بما يصلحها . )

ثم ذكر في الفصل الثاني موقف الإسلام من العنف ضد المرأة و ذكر الكثير من الأدلة الشرعية و التي منها  ( أبيَن الأدلة الشرعية الدالة على تحريم العنف بجميع صوره وأشكاله ، والدعوة إلى الرفق ... و
قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَ لَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ }
وقول الله سبحانه وتعالى في الحديث القدسي : " يا عبادي ، إني حرمت الظلم علي نفسي ، وجعلته بينكم محرما ، فلا تظالموا "  والحديث أخرجه مسلم ...
وعن عائشة – رضي الله عنها – قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله " أخرجه البخاري
....
فعن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خيركم خيركم لأهله ، وأنا خيركم لأهلي "
...
وقال صلى الله عليه وسلم" أكمل المؤمنين إيماناً أحسنه خلقاً وخياركم خياركم لنسائهم "  أخرجه الترمذي
وخلاصة القول أن الإسلام في مصدريه – الكتاب و السنة – قد أوصى بحسن العشرة مع النساء و الرفق بهن و معاملتهن بالحسنى . )

ثم ذكر في الفصل الثالث الشبهات المثارة حول التأديب و الرد عليها ( ... وظيفة القوامة لا تعني تسلط الرجل على المرأة ،وأنها حطٌ من شأنها وكرامتها وأنها سلبٌ لحقوقها ، و تهميش لرأيها ، بل هي تقدير ، و تشريف لها ورفعة لشأنها و إقرار بكرامتها .
فالله – جلَّ شأنه – قال : {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ }
وهذا يفيد معني عالياَ بنّاءً ، أي : يصلحون ولا يعدلون ، لا أنهم يستبدون ويتسلطون ، فنطاق القوامة محصورة في مصلحة البيت والاستقامة علي أمر الله – عزوجل – والقيام بحقوق الزوج ، فما لم تخل الزوجة بشيء من ذلك فليس له عليها سبيل إلا سبيل الكرامة والاحترام ... إن القوامة التي تقابل التبعة لا تنفي المشاورة ولا المعاونة ، بل العكس هو الصحيح ، فالقوامة الناجحة هي التي تقوم علي التفاهم الكامل والتعاطف المستمر ، وكل توجيهات الإسلام تهدف إلى هذه الروح داخل الأسرة ، وإلى تغليب الحب والتفاهم علي النزاع والشقاق ....
أن من يرى أن في التأديب هضماً لحق المرأة وإهداراً لكرامتها نسأل هؤلاء ، هل من كرامة الرجل أن يهرع إلى طلب محاكمة زوجته كلما انحرفت أو خالفت أو حاولت أن تنحرف أو تخالف ؟
وهل تقبل المرأة أن يهرع زوجها كلما وقعت في شيء من المخالفة إلي المحكمة ينشر خبرها على الملأ ؟
أو تقبل أن تترك تسترسل في نشوزها حتى يتهدم بيتها ويتشرد أطفالها ، أم تقبل أن ترد إلي رشدها بشيء من التوجيه العملي الذي لا يتجاوز ما ألفته من أبيها وأهلها .
لاشك أن جواب المرأة العاقلة سيكون واضحاً في اختيار ما اختاره الله – عزوجل – وهو التأديب بمراحله الثلاث ، وهي إجراءات وقائية تدريجية يخطوها الزوج ، أملاً في العودة إلي الرشد والصواب . ...
ثم إن التأديب بالضرب ليس هو كل ما شرع الإسلام من علاج ، بل هو كالدواء المؤلم إذا اشتد المرض العضال ، فقد جاء الضرب في الآية الكريمة خطوة ثالثة ، أي بعد : استنفاد الوعظ والهجر ، فهو أحد أنواع ثلاثة ، هو آخرها في الذكر كما هو آخرها في العمل ، بشروط ذكرها الفقهاء – رحمهم الله تعالي – يجب التقيَد بها
مع أن الضرب لا يوجه إلا لنوعية خاصة من النساء ، وتركه أفضل ، كما قال ذلك بعض الفقهاء .
أن الذين يرون في التأديب عنفاً وقسوة نساؤهم يشتكين الويلات بسبب الظلم  والعنف والقسوة.
ومن خلال دراسة إحصائية لانتشار ظاهرة العنف يلاحظ أن أكثر الدول تقدماً ، وهي الولايات المتحدة الأمريكية التي تدعي حماية حقوق الإنسان ، وتنادي بالديموقراطية تعاني من مشكلة العنف الأسري بجميع صوره وأشكاله والأرقام التالية توضح ذلك :
-         هناك ٣٠٠٠ – ٤٠٠٠امرأة تضرب حتى الموت سنوياً.
-         ٧١% من النساء الحاملات المحطمات يجهضن ، أو يلدن ولادات ميتة أو معاقة جسدياً .
-         أودي العنف العائلي بحياة مليون و ٤٣٢ألف من أربعة ملايين امرأة قتلن في عام ١٩٩٢م .
-         ٤نساء يوميا يقتلن في هذا البلد من قبل الزوج بسبب العنف
-         ٧٩% من الرجال في أمريكا يضربون زوجاتهم ضربا يؤدي إلي إعاقة .
-         ١٧% منهن تستدعي حالتهن الدخول للعناية المركزة ، وحسب تقرير الوكالة المركزية الأمريكية للفحص والتحقيق هناك زوجة يضربها زوجها كل ١٨ ثانية في أمريكا . ...
أما في فرنسا فهناك مليونا امرأة معرضة للضرب سنوياً
وفي بريطانيا يفيد تقرير أن ٧٧% من الأزواج يضربون زوجاتهم دون أن يكون هناك سبب لذلك . )

استطراد
 جاء في بعض الإحصائيات في موقع طريق الإسلام :
أن ما بين 40 إلى 50 في المائة ممن يقتل من النساء في أمريكا يكون القاتل هو شريكها الحميم (partner intimate) (زوج أو صديق) (المصدر: وزارة العدل الأمريكية)
سنويًا ما بين 3 إلى 4 ملايين امرأة في أمريكا يتعرضن لاعتداء جسدي من زوج أو صديق (المصدر: الموقع الرسمي الحكومي لولاية نيوجرسي الأمريكية)



ثم ذكر في الفصل الرابع أسباب تأديب الزوجة ( ترجع أسباب تأديب الزوج لزوجته إلى سببين هما :

السبب الأول : ترك الزوجة ما يجب عليها تجاه زوجها .
السبب الثاني : ترك فرائض الله – عزوجل - .

المبحث الأول
ترك الزوجة ما يجب عليها تجاه زوجها
للزوج أن يؤدب زوجته إذا لم تطعه فيما أوجب الله – جل شأنه – عليها تجاه زوجها ، ومن ذلك أن يجد الزوج من زوجته إعراضاً و عبوساً بعد لطف وطلاقة وجه ،أو أن تخاطبه بكلام خشن بعد أن كان ليناً ، ومن ذلك أن تمتنع عن فراشه ، أو إجابته علي وجه التثاقل والتبرم والتكره .
أو أن تخرج من بيته بدون إذنه من غير وجه حق ، أو أن تترك التزين و التطيب له إذا أراد ذلك مع قدرتها عليه ، أو أن تصوم تطوعاً بدون إذن زوجها.
فإن رأى منها شيئاً من ذلك فإنه يحق له أن يؤدبها ، وهذا باتفاق الفقهاء – رحمهم الله تعالى – لقوله تعالى : { وَ اللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَ اهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَ اضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا } .
ففي هذه الآية الكريمة أباح الله – عزوجل – للأزواج عند مخالفة وعصيان الزوجات ضربهن تأديباً وتهذيباً وإصلاحاًلهن ضرباً غير مبرح ، وهذا يدل على مشروعية هذه الوسيلة في تأديب الزوجة . )

ثم تطرق إلى مسألة مهمة ( هل خدمة الزوجة لزوجها واجبة عليها أم لا ؟ فمن قال بالوجوب قال : له أن يؤدبها على ترك ذلك ، ومن قال بعدم الوجوب قال : ليس له تأديبها علي ترك ذلك ، وتفصيل هذه المسألة فيما يلي :
اختلف الفقهاء - رحمهم الله تعالى - : هل يجب على الزوجة خدمة زوجها أم لا ؟ على قولين :
القول الأول : أن الزوجة يجب عليها خدمة زوجها ، قال بهذا الحنفية ، والمالكية ، وبعض الحنابلة ....
القول الثاني : ان الزوجة لا يجب عليها خدمة زوجها ، قال بهذا الشافعية والحنابلة على الصحيح من المذهب ...
الراجح – والله أعلم بالصواب – القول الأول القائل بوجوب خدمة الزوجة في بيت زوجها )

ثم ذكر في المبحث الثاني مسألة ترك الزوجة فرائض الله عزَ و جلَ ( من خلال تتبع أقوال الفقهاء – رحمهم الله تعالى – لم أقف على من أوجب على الزوج أن يؤدب زوجته إذا تركت فرائض الله – عزَوجلَ – إلا ما نقل عن ابن البزري من علماء الشافعية ، فقد أوجب على الزوج ضرب زوجته على ترك الصلاة .
أما بالنسبة لجواز التأديب فقد اختلف الفقهاء – رحمهم الله تعالى – في ذلك على قولين :
القول الأول : يجوز للزوج أن يؤدب زوجته على تركها فرائض الله – عزَوجلَ – من صلاة وصيام ، قال بهذا المالكية ، وهو أحد قولي الحنفية والحنابلة .
القول الثاني : لا يجوز للزوج أن يؤدب زوجته على تركها فرائض الله – عزَوجلَ – من صلاة وصيام ... قال بهذا الشافعية ، والقول الآخر للحنفية والحنابلة ، لأن هذا النوع من التأديب لا يتعلق بحق الزوج ، ولا ترجع المنفعة إليه بل إليها ، فليس له حق في التأديب .
الأظهر – والله أعلم بالصواب – هو القول الأول . )


ثم جاء الفصل الخامس وسائل تأديب الزوجة فقال (  ذكر الله – عزَوجلَ – وسائل لتأديب الزوجة في قوله تعالى { وَ اللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَ اهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَ اضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا } ففي الآية الكريمة ثلاث وسائل ، هى : الوعظ ، و الهجر ، والضرب ...
المطلب الأول : في حقيقة الوعظ ، وكيفيته :
الوعظ في اللغة : النصيحة والتذكير بالعواقب ...
الكيفية التي يعظ الرجل بها زوجته أن يخوفها بالله – عزَوجلَ – فإن التخويف بالله – عزَوجلَ – من أبلغ الأسباب في ذوي الدين . ... ثم ينبهها إلي عواقب عدم الطاعة بقول النبي صلى الله عليه وسلم " إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى تصبح "  ...
وقد لا تفيد الموعظة من قبل الزوج ، فيلجأ إلى أقاربها أو أقاربه أو إحدى صديقاتها أو جاراتها أو غير ذلك .
وحسن أن يستميلها بشئ ، كما ذكر ذلك بعض الفقهاء وهو إشارة إلى معالجة بوادر النشوز بالهدية قبل أن يستفحل الأمر ، فإن الهدية تشعر الزوجة بمحبة الزوج ورغبته في إسعادها. )

ثم ذكر ضوابط الوعظ و منها ( وتلك الضوابط والآداب هي :
                    1.        أن يتخير أنجح الأساليب في تليين القلوب القاسية
                    2.        ألا تكون الموعظة مستمرة
                    3.        أن يتخير الوقت المناسب للموعظة
                    4.        عدم التشهير في الوعظ ، فلا يعظ الزوجة أمام أولاده وأقاربه
                    5.        الصبر والأناة في هذه المرحلة )

ثم تحدث  في المبحث الثاني عن الهجر (  الهجر في اللغة : مطلق الترك والصدَ والقطع والاعتزال
وفي الاصطلاح : يقصد بالهجر مقاطعةُ الجاني ، وعدمُ التحدث إليه ، والسلام عليه حتى يتوب إذا كان في ذلك مصلحة .
فالمراد به عند الفقهاء ما يلي :
                          1.        عند الحنفية : هو ترك الجماع والمضاجعة في فراشها .
                          2.        عند المالكية : هو ترك الاستمتاع بها و النوم معها في فراش واحد .
                          3.        عند الشافعية : ألا يضاجعها في فراش واحد .
                          4.        عند الحنابلة : أن يهجرها في فراشها ، ما شاء أو ترك مضاجعتها .
 ضوابط الهجر :
هجر الزوج لزوجته تأديباً لابد أن يتقيد بضوابط ، منها :
                1.        أن يكون الهجر في المضجع ، وقد ذكر العلماء أن المقصود بالهجر في المضجع في الآية الكريمة {وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ } أن يضاجعها ويوليها ظهره ولا يجامعها .

وعلى كلا القولين لا يجوز هجر الزوجة خارج المضجع ، وما يفعله بعض الأزواج جهلاً وهم يرومون تأديب الزوجة من ترك البيت كله مخالف لما هدت إليه الآية الكريمة ودلت عليه ؛ لأن الله تعالى أمر بهجرانهن في المضاجع لا عن المضاجع ، فالهجر يبقي الرجل داخل البيت لا خارجه .

ويزيد ذلك ما رواه حكيم بن معاوية بن حيدة القشيري عن أبيه ، قال : قلت : يا رسول الله ، ما حق زوجة أحدنا عليه ؟ قالصلى الله عليه وسلم: " أن تطعمها إذا طعمت ، وتكسوها إذا اكتسيت ، ولا تضرب الوجه ، ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت " .

                2.        ألا يتجاوز هجر الكلام ثلاثة أيام .
                3.        ألا يتجاوز الهجر في المضجع شهراً كاملاً .
                4.        سرية الهجر حتى لا يكون في الهجر إذلال للزوجة ، كالهجر أمام الناس الذي فيغير مكان خلوة الزوجين
                5.        أن يكون الهجر مرحلة لاحقة تعقب فشل الوعظ وأسلوب الحكمة فيه . )


ثم تحدث في المبحث الثالث عن مسألة  الضرب و أهم ما جاء فيه أن ( الضرب نوعان :
النوع الأول : ضرب مبرح :
وهو الذي يكسر العظم أو يخرق الجلد أو يسوّده
وقيل : الضرب المبرح هو الفادح الذي يخشى منه تلف نفس أو تلف عضو أو تشويهه .
النوع الثاني : الضرب الغير مبرح :
يرى بعض الفقهاء أن الضرب غير المبرح هو الذي لا يكسر عظماً ولا يخرق جلداًولا يسوّده .
وقيل : هو غير الشاق ولا المؤذي ولا المٌدْمِي .

ومن هذا التعريفات يتضح أن الضرب غير المبرح هو : غير المؤثر حسياً ، وهو الضرب الخفيف الذي لا يؤذي ، فلا يتلف عضواً ، ولا يقطع لحماً ، ولا يترك أثراً ، ولا يشين جارحة ، ولا يكسر عظماً ولا يسيل دماً .
وهذا الضرب هو الذي أباحه الشارع الحكيم ، وهو المقصود بضرب التأديب . لقول النبي صلى الله عليه وسلم"...... فاضربوهن ضرباً غير مبرح " .

شروط ضرب الزوجة للتأديب :
الشرط الأول : أن يكون التأديب لغرض الإصلاح لا لغرض الإيذاء والانتقام.
الشرط الثاني : أن يكون ضرب الزوجة على معصية .
الشرط الثالث : ألا يلجأ الزوج إلى ضرب زوجته إلا بعد استعمال وسيلتي  
الوعظ و الهجر في المضجع .
فيجب أن يبدأ الزوج بالأيسر والأخف من الأفعال ، ويتدرج في التأديب
الشرط الرابع : أن يتيقن الزوج أو يغلب على ظنه تحقق النفع بالضرب ، فإن غلب على ظنه عدم جدوى التأديب بالضرب ، فلا يجوز له حينئذ استخدام تلك الوسيلة .

الشرط الخامس : أن يكون الضرب غير مبرح ، وهو الذي لا يدمي ، ولا يشوه الجسم .

الشرط السادس : أن يتقي الوجه والرأس والمقاتل ، لأن المقصود تأديبها لا إتلافها . )

و جاء في نهاية البحث أبرز النتائج التي توصل إليها من خلال بحثه
( أولا : النتائج العامة :
1.        عناية الإسلام بالعلاقة الزوجية في حدودها التي لا يجوز تجاوزها وذلك بحدود الاستطاعة ، ويعذر الإنسان فيما لا يقدر على القيام به .

2.        أن الإسلام كرم المرأة أيما إكرام ، وحفظ لها حقوقها ، ورفع شأنها ، ورفع عنها الضرر في حياتها الزوجية ، وكفل لها الحرية المنضبطة بضوابط الشرع المطهر .

3.        أن ضرب الزوجة في الإسلام لا يتجاوز كونه ظاهرة تأديبية تربوية محمية ، بضوابط وقيود شرعية ، وآداب وأخلاق سامية ، فهو دواء لداء استعصى على الحلول التي سبقت ، وهما : الوعظ ، والهجر ، كما إنه علاج لحالة شاذة ، يوصف إلى جانب إجراءات تربوية تتمثل في الصبر و التحمل واستعمال الحكمة والموعظة الحسنة .

ثانيا : النتائج الخاصة :
1.          أثبتت الإحصائيات الرسمية ارتفاع نسبة العنف والاضطهاد للمرأة في الدول الغربية ، المدعية للتحضر والتقدم ، وهذا العنف أكثر بكثير مما هو عليه في بلاد المسلمين ، وما ذاك إلا لاتباع المسلمين تعاليم دينهم وتمسكهم بشرعهم وآدابه وأحكامه .
2.          أن العنف الأسري ضد المرأة محرم بجميع صوره وأشكاله ، وجريمة يحاسب الإنسان عليها في الدنيا والآخرة .
3.          أن ضرب الزوجة لغير سبب مشروع حرام ولو كان ضرباً غير مبرح ؛ لأنه من الظلم والعدوان .
وإن كان هناك من توصيات فمن أهمها ما يأتي :
1.        أن تقوم وسائل الإعلام بدورها في التوعية الأسرية بوجود برامج مكثفة من خلال كافة وسائل الإعلام لتعريف أفراد المجتمع بالعنف الأسري وآثاره السيئة على الفرد والمجتمع .
2.        تبصير الخاطبين بأحكام الزواج الشرعية وتوعيتهم بما يجب ويحرم فيه ، من خلال دورات تثقيفية مركزة تتولى الجهات الرسمية المختصة الإشراف عليها

3.        ينبغي أن يلاحظ الزوج الظروف التي تمر بها زوجته قبل أن يعدّ نفورها حالة نشوز ، وقبل أن يشرع في مراحل الهجر والضرب المنضبط ، فكثيراً ما يكون سبب الخصام تغييراً طارئاً في طبيعة الزوجة النفسية ، تبعاً لما ينتابها من عوارض صحية ، نظراً لأن تكوين المرأة يختلف عن الرجل سيكولوجياً و بايولوجياً ، فهي تمرَ بظروف تؤثر في نفسيتها ، وتعاملها مع الزوج وخاصةً في مرحلة الطمث والحمل والولادة ، فينبغي للزوج أن يتفهم هذه الأمور ليستطيع التعامل الرفيق مع زوجته . )

إلى هنا وصلنا إلى نهاية البحث  آمل أن يكون هذا الملخص قد أفادكم و قدم لكم معلومة مفيدة و جديدة .. شارك من تحب هذا الموضوع لتكون شريكنا في نشر الثقافة الإسلامية .

و لمن أراد الاطلاع على كامل البحث 
للتحميل من هنا



هل اعجبك الموضوع :

تعليقات