هجرت أحبتي طوعاً
في صباح الساعة
العاشرة في المحكمة العامة بجدة فُتحت الجلسة ... لم يحضر المدعى عليه " الزوج " ..
حان الوقت لسماع الدعوى فقالت الزوجة المدعية ( إن المدعى عليه زوجي عقد علي بولاية والدي بموجب عقد النكاح ذي الرقم 146/3 والتاريخ 14/6/1423هـعلى مهر قدره أربعون ألف ريال استلمتها كاملة، ودخل بي الدخول الشرعي عام 1424هـ، وقد أنجبت منه على فراش الزوجية ثلاثة أولاد: أكبرهم (...) وعمرها ثماني سنوات، وأصغرهم (...)، وعمرها سنتان ونصف، وقد مكثت عنده سنتين، ثم أوصلني عند أهلي، ومكثت عندهم أربع سنوات، ثم رجعت في بيته لمدة شهر ونصف، ثم أوصلني عند أهلي قبل ثلاث سنوات تقريبا، ولم يرجعني حتى الآن، والمدعى عليه لا ينفق علي، ولا على أولاده، ولم يهيئ لي سكناً شرعياً يليق بمثلي، وقد كرهته، ولا أطيق العيش معه؛ لذا أطلب فسخ نکاحي منه، هذه دعواي . ) إلا أن المحكمة و بعد سماع الدعوى قررت تأجيلها لعدم حضور المدعى عليه "الزوج"
و بعد عدة جلسات
لمحاولة تبليغ المدعى عليه و توثيق ذلك في محضر القضية و مخاطبة الجهات المختصة
لمحاولة تبليغه
طلبت المدعية سماع ما
ليدها من بينة على دعواها و طلبت إحضار الشهود فأذن لها المحكمة ..
و يستفاد من هذه القضية أن من وسائل الإثبات في دعاوى طلب فسخ النكاح و إثبات
الهجران و عدم النفقة هم الشهود .
و في الجلسة الأخرى
أحضرت المدعية أصل صك النكاح ..
كما أحضرت شاهدين و باستجواب الشهود من
قبل المحكمة ( وجرى
سؤال الشاهد الأول (...) عما لديه من شهادة، فقال: أشهد الله أني حضرت زواج المدعى
عليه ابن ابن أخي (...) من المدعية ابنه أخي (...)، وكانت تسكن معه في منزل مستقل
في تبوك، وقبل خمس سنوات مرضت أخت المدعية، فجاء المدعى عليه بالمدعية لزيارة
أختها في جدة في منزل والدها، ثم لم يرجع إليها مطلقاً، وقد جاءت إليّ المدعية
تطلب مني التفاهم معه فحاولت كثيراً، وكان يعدني بأنه سيرجع زوجته، لكنه لم يفعل
ذلك مطلقاً طيلة الخمس سنوات، وقد تركها معلقة بلا زوج، فلم يمسكها بالمعروف، ولم
يسرحها بمعروف، هذا ما لدي، وبه أشهد. وبسؤال الشاهد الثاني (...) عما لديه من
شهادة قال: أشهد الله أني حضرت زواج المدعي عليه على المدعية، وقد كان عمل المدعى
عليه عسكرياً في تبوك، وقد كانت المدعية تسكن معه هناك، ثم أحضر المدعية إلى جدة
من أجل زيارة أختها المريضة، ثم رجع إلى تبوك ولم يعد لأخذها حتى اليوم، وهي الآن
في منزل والدها أخي؛ معلقة، هذا ما لدي، وبه أشهد.)
ثم حكمت المحكمة (وبناء على ما تقدم من الدعوى والإجابة؛ وحيث إن من مقاصد الشريعة في
النكاح تحقيق العشرة الحسنة والألفة والمودة والسكن النفسي والجسدي للطرفين المراد
اجتماعهما، وقد بنيت فروع النكاح بما يحقق تلك المقاصد العظيمة، ومن ذلك جعل
القوامة بيد الرجل على زوجته، ومما تتطلبه القوامة الاهتمام والرعاية والتقويم
وائتمانه من قبل الشرع على من تحت يده؛ وحيث إن الزوجة أول من يكون تحت يد الزوج
صاحب القوامة، وأعظم الرعية حقوقاً؛ وحيث إن المدعية قد ادعت سوء العشرة والتعليق
والضرر من ذلك، وقامت البينة المعدلة شرعاً بصحة دعواها؛ وحيث إن التعليق يمس
قوامة الرجل، ويدل على إساءة استخدامها، ويعارض ما استؤمن عليه الرجل تجاه رعيته؛
وحيث إن ضرر التعليق غير مغتفر بحال، كما جاء في قوله تعالى :{ وَلا
تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ} ، وهو في حق الزوجة من باب أولى، وحيث
إن التعليق للزوجة لا يُقبل حتى ولو أبدى الزوج سبباً، كما في قوله تعالى :{
لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ۖ فَإِن
فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (226) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ
فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} وحيث إن الإيلاء يؤدي للتعليق، وقد جعل الشارع
له زمناً مؤقتاً مع أن الإيلاء سبب شرعي؛ لذا فالتعليق دون سبب معين من باب أولى
ويدخل في الآية كقياس جلي؛ وحيث إن المدعى عليه قد تعذر تبليغه من الجهات المختصة،
واسمه مدرج في لائحة المطلوبين؛ لذلك كله فقد حكمت غيابياً بفسخ نكاح المدعية
(...) من زوجها المدعى عليه (...) بلا عوض.)
انتهى ..
للاطلاع على صك حكم القضية اضغط هنا
تعليقات
إرسال تعليق