القائمة الرئيسية

الصفحات


الطلاق المعلق على شرط





جاء في أحد القضايا أن امرأة  رفعت قضية على زوجها تطلب من المحكمة  إثبات طلاقها و تقول في دعواها (إن المدعى عليه (...) حامل السجل المدني ذي الرقم (...) زوجي تزوجني عام ١٤٢٤ هـ ، ودخل بي الدخول الشرعي، ورزقت منه على فراش الزوجية بالأولاد (...)، و (...)، و (...)، و (...)، ومكثت معه حتى تاريخ١٨ / ٢ / ١٤٣٥هـ ؛ حيث حصل بيننا نزاع، فضربني، فاتصلت بأهلي للحضور والذهاب معهم، فقال لي: ( إذا طلعت من البيت فأنت طالق بالثلاث طلاقاً بائناً )، وكررها أكثر من خمس مرات، فخرجت من البيت مع أهلى، ولم يراجعني حتى تاريخه، وهذه هي المرة الأولى التي يحصل بيننا طلاق، وأطلب إثبات طلاقي البائن منه، هذه دعواي. )


ثم طلبت المحكمة من وكيل زوجها الجواب على الدعوى فقال (فأجاب قائلاً: ما ورد في دعوى المدعية من زواج موكلي بها، وأنها أنجبت له الأولاد المذكورين، وأنه تلفظ عليها بالطلاق باللفظ المذكور كله صحيح، ولكن موكلى لم يقصد الطلاق، وإنما قصد منع زوجته من الخروج من منزله، وقد حلف لي على ذلك؛ لذا فإني أطلب رد الدعوى، هذه إجابتی.  )


فحكمت المحكمة (بناء على ما تقدم من الدعوى والإجابة، وما قرره الطرفان؛ ونظراً لإقرار المدعى عليه بتعليقه طلاق زوجته المدعية الطلاق البائن على خروجها من منزله، وأنه قصد منعها من الخروج، لا إيقاع الطلاق، وبناء على ما قرره جمهور العلماء وفقهاء المذاهب الأربعة من وقوع الطلاق المعلق على شرط إذا وقع ما علق عليه، سواء قصد الطلاق أم لا، ولأن نصوص السنة في الطلاق نصت على وقوع الطلاق من الجاد والهازل، وعليه اتفاق الفقهاء لحديث: "ثلاث جدهن جد وهزلهن جد النكاح والطلاق والرجعة». أخرجه أبو داود والترمذي في سننهما، والأصل في الأمور حقیقتها، وحقيقة الطلاق وقوعه لا اليمين، وقد صدرت فتوى هيئة كبار العلماء بالأكثرية بالقرار ذي الرقم ١٦ والتاريخ ١٢/۱۱ / ۱٣٩٣هـ الذي جاء فيه بعد المقدمة ما نصه: " وبعد دراسة الموضوع، وتداول الرأي، واستعراض کلام أهل العلم في ذلك، ومناقشة ما على كل قول من إيراد مع الأخذ في الاعتبار أنه لم يثبت نص صريح لا في كتاب ولا في سنة بإعتبار الطلاق المعلق طلاقاً عند الحنث، وعدم اعتباره، وأن المسألة نظرية للاجتهاد فيها مجال. بعد ذلك توصل المجلس بأكثريته إلى اختيار القول بوقوع الطلاق عند حصول المعلق عليه سواء قصد من علق طلاقه على شرط الطلاق المحض، أو كان قصده الحث، أو المنع، أو تصدیق خبر، أو تكذيبه وذلك لأمور أهمها ما يلي: ١ - ما ورد عن الصحابة والتابعين من الآثار في ذلك، ومنه ما أخرجه البخاري في صحيحه؛ معلقاً بصيغة الجزم من أن رجلاً طلق امرأته البتة إن خرجت، فقال ابن عمر: إن خرجت فقد بانت منه، وإن لم تخرج فليس بشيء. وما روى البيهقي بإسناده عن ابن مسعود في رجل قال لامرأته: إن فعلت كذا وكذا فهي طالق، فتفعله. قال هي واحدة وهو أحق بها، وما رواه أيضاً بإسناده إلى أبي الزناد عن أبيه أن الفقهاء السبعة من أهل المدينة كانوا يقولون: أيما رجل قال لامرأته: أنت طالق إن خرجت إلى الليل، فخرجت طلقت امرأته. إلى غير ذلك من الآثار، مما يقوى بعضها بعضا. ۲ -ما أجمع عليه أهل العلم - إلا من شذ - في إيقاع الطلاق من الهازل مع القطع بأنه لم يقصد الطلاق؛ وذلك استنادا إلى حديث أبي هريرة وغيره مما تلقته الأمة بالقبول، من أن ثلاثاً جدهن جد وهزلهن جد الطلاق والنكاح والعتاق. فإن كلا من الهازل والحالف بالطلاق قد عمد قلبه إلى ذكر الطلاق، وإن لم يقصده، فلا وجه للتفريق بينهما بإيقاعه على الهازل به، وعدم إيقاعه على الحالف به. لقوله تعالى :{وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ } . ووجه الاستدلال بها أن الملاعن يقصد بهذا الشرط التصديق، ومع ذلك فهو موجب اللعنة، والغضب على تقدير الكذب. ۳- أن هذا التعليق وإن قصد به المنع فالطلاق مقصود به على تقدير الوقوع؛ ولذلك أقامه الزوج مانعاً له من وقوع الفعل، ولولا ذلك لما امتنع. ٤ - أن القول بوقوع الطلاق عند حصول الشرط المعلق عليه قول جماهير أهل العلم وأئمتهم، فهو قول الأئمة الأربعة: أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد، وهو المشهور في مذاهبهم. قال تقي الدين السبكي في رسالته الدرة المضيئة : وقد نقل إجماع الأمة على ذلك أئمة لا يرتاب في قولهم، ولا يتوقف في صحة نقلهم، فمن ذلك الإمام الشافعي - رضي الله عنه - وناهيك به. وممن نقل الإجماع على هذه المسألة الإمام المجتهد أبو عبيد، وهو من أئمة الاجتهاد، كالشافعي، وأحمد وغيرهما، وكذلك نقله أبو ثور، وهو من الأئمة أيضا، وكذلك نقل الإجماع على وقوع الطلاق الإمام محمد بن جریر الطبري، وهو من أئمة الاجتهاد أصحاب المذاهب المتبوعة، وكذلك نقل الإمام الحافظ أبو عمر بن عبد البر في كتابيه التمهيد و الاستذکار، وبسط القول فيه على وجه لم يبق لقائل مقالا، ونقل الإجماع الإمام ابن رشد في كتاب المقدمات له، ونقله الإمام الباجي في المنتقى - إلى أن قال: وأما الشافعي وأبو حنيفة ومالك وأتباعهم فلم يختلفوا في هذه المسألة، بل كلهم نصوا على وقوع الطلاق، وهذا مستقر بين الأئمة، والإمام أحمد أكثرهم نصاً عليها، فإنه نص على وقوع الطلاق، ونص على أن يمين الطلاق و العتاق ليست من الأيمان التي تكفر، ولا تدخلها الكفارة. أ.هـ ، وقد أجاب من پری خلاف ذلك عما ذكره السبكي - رحمه الله – من الإجماع بانه خاص فيما إذا قصد وقوع الطلاق بوقوع الشرط." انتهى؛ لذا ولكل ما تقدم،فقد ثبت لدي طلاق المدعى عليه (...) لزوجته المدعية (...) طلاق الثلاث البائن بتاريخ (۱۸/۲ / ١٤٣٥ هـ ، وأفهمت المدعي وكالة بأن موكلته قد بانت من زوجها المدعى عليه بينونة كبرى، فلا تحل له من بعد حتی تنکح زوجاً غيره نکاح رغبة لا نکاح تحلیل، وأن لها أن تتزوج متى شاءت لانتهاء عدتها بمضي ثلاث حيض من تاريخ الطلاق، وبعد اكتساب الحكم القطعية، وأفهمت المدعى عليه بأن فعله محرم ولا يجوز، وكان الواجب عليه أن يطلق طلاق السنة طلقة واحدة في طهر لم يجامعها فيه، ثم يدعها حتى تنقضي عدتها، و بها تقدم حکمت. )


للاطلاع على  القضية كاملة اضغط هنا

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات