أحكام الحضانة في الفقه الإسلامي
بحث قيم إعداد د. أحمد بن صالح البراك . عضو هيئة
التدريس بقسم الدراسات الإسلامية جامعة الأمير سلمان بالخرج .
و الذي نشر في مجلة العدل التابعة لوزارة العدل
في المملكة العربية السعودية في العدد 66 في ذي القعدة عام 1435 هـ
و هذه مقتطفات قيمة من البحث ..
" قال النووي معرفاً الحضانة:" هي
القيام بحفظ من لا يميز ولا يستقل بأمره، وتربيته بما يصلحه، ووقايته عما
يؤذيه"
وقال الماوردي:" هي الحفظ والمراعاة وتدبير
الولد والنظر في مصالحه". "
" الأحق بالحضانة ومراتب الحاضنين
أجمع العلماء أن الأم أقدم الحواضن. ويقدم النساء
على الرجال في الحضانة، لأنها – أي الحضانة – مبناها على الشفقة والرفق بالصغار
وذلك من جانب النساء أوفر وهن بالتربية أعلم، وعلى إقامة مصالح الصغار أقدر.
وإختلف الفقهاء بعد ذلك في ترتيب الأولى بالحضانة
بعد الأم، ومن يقدم عند الاستواء في الاستحقاق، مع مراعاة أن الحضانة لا تنتقل من
المستحق إلى من بعده من المستحقين إلا إذا أسقط المستحق حقه في الحضانة أو سقطت
لمانع. "
" ترتيب الأولى بالحضانة عند الحنابلة:
وعند الحنابلة إذا سقطت حضانة الأم يقدمون
أمهاتها القربى فالقربى، ثم الأب، ثم أمهات الأب القربى فالقربى، ثم الجد. "
" مسقطات الحضانة
تسقط الحضانة إذا وجد مانع منها، أو فقد شرط من
شروط استحقاقها، كأن تتزوج الحاضنة بأجنبي عن المحضون لقوله صلى الله عليه وسلم في
حديث عبد الله بن عمر بن العاص رضي الله عنهما: أن امرأة قالت: يا رسول الله إن
ابني هذا كان بطني له وعاء، وحجري له حواء، وثديي له سقاء، وزعم أبوه أنه ينزعه
مني، فقال:" أنت أحق به ما لم تنكحي".
قال الصنعاني: " الحديث دليل على أن الأم
أحق بحضانة ولدها إذا أراد الأب انتزاعه منها، وقد ذكرت هذه المرأة صفات اختصت بها
تقتضي استحقاقها وأولويتها بحضانة ولدها وأقرها صلى الله عليه وسلم على ذلك وحكم
لها".
والأم أحق بالولد الطفل من الأب ما لم تتزوج فإذا
تزوجت فلا حق لها في حضانة، فإن كانت لها أم فأمها تقوم مقامها ثم الجدات من قبل
الأم أحق به ما بقيت منهن واحدة.
أو يصاب الحاضن بآفة كالجنون والعته، أو مرض يضر
بالمحضون، أو بأمر يمنع معه مراعاة المحضون. "
" انتهاء مدة الحضانة
وسوف أتناول في هذا المبحث انتهاء مدة الحضانة
واختلاف الفقهاء في ذلك، حيث اختلفوا في بقاء الحضانة إلى ما بعد سن التمييز على
أقوال وبيان ذلك كما يأتي:
اولاً: قال الحنفية: سواء كانت الحاضنة أمَّا أو
غيرها فهي أحق بالغلام حتى يستغني عن طلب الخدمة – خدمة النساء – ويستطيع الاعتماد
على نفسه في الأكل والشرب واللبس والاستنجاء، وقدر الحنفية ذلك بسبع سنين، لأنه
الغالب لقوله صلى الله عليه وسلم :" مروا أولادكم الصلاة لسبع"، والأمر
بالصلاة لا يكون إلا بعد الاستطاعة فمنه أخذ الحكم، وقيل: بتسع سنين.
قال العيني معلقاً على هذا الحديث :" وإنما
عيّن السنة السّابعة لأنها سنة التمييز، ألا يُرى أن الحضانة تسقط عند انتهاء
الصبيّ إلى سبع سنين؟ ولأن أوّل مراتب عقود العدد المركب العشرة، والسَبعة أكثرها،
وإنما أمر بالضرب عند عشر سنين؛ لأنه يقربُ إلى البلوغ؛ لأن أقل البلوغ في حق
الصبيّ اثنا عشر سنة، وهذا الأمر – أيضاً – أمر تأديب وإرشاد".
أما الفتاة فالأم والجدة أحق بها حتى تبلغ سواء
بالحيض أو الإنزال او السن؛ لأن الفتاة تحتاج للنساء حيث معرفة آداب النساء
والمرأة في ذلك أقدر.
وأما بعد البلوغ فتحتاج إلى من يحميها ويحصنها
والأب في ذلك أقدر وأقوى، وبلوغ الصغيرة بتسع أو بأحدى عشرة سنة.
ثانياً: وقال المالكية: أما الغلام فتستمر
الحضانة إلى بلوغه ولو مجنوناً او مريضا، وفي الجارية إلى الزواج ودخول الزوج بها،
ولو كانت الأم كافرة.
ثالثاً: قال الشافعية: إن افترق الزوجان ولهما
ولد مميز ذكر أو أنثى، وله سبع أو ثمان سنين، وصلح الزوجان للحضانة، حتى لو فضل
أحدهما الآخر ديناً أو مالاً أو محبة، وتنازعا في الحضانة، خيَّر بينهما، وكان عند
من اختار منهما؛ لأنه صلى الله عليه وسلم خيَّر غلاماً بين أبيه وأمه فقال :"
هذا أبوك وهذه أمك فخذ بيد أيهما شئت فأخذ بيد امه فانطلقت به". "
" رابعاً: وقال الحنابلة: يخير الغلام غير
المعتوه إذا بلغ بين أبويه، إذا حدث تنازع بينهما، فهو مع من اختار منهما وهذا ما
ذهب إليه الشافعية، فمتى ما اختار أحدهما، سلم عليه، ثم اختار الآخر، رد إليه. ...
ولكن شرطوا لتخيير الغلام أن يكون الأبوان
وغيرهما من أهل الحضانة: فإن كان أحدهما من غير أهل الحضانة، كان كالمعدوم، ويتعين
الآخر، وألا يكون الغلام معتوهاً فلو كان كذلك فأمه أحق به ولم يخير. وأما الفتاة
إذا بلغت سبع سنين فالأب أحق بها، ولا تخير خلافاً للشافعية؛ لأن المقصود من الحضانة
المصلحة وفي هذه السنة تحتاج الفتاة إلى الحفظ والتحصين وهو ما يتحقق مع الأب. "
للاطلاع على كامل
البحث اضغط هنا
تعليقات
إرسال تعليق