فسخ النكاح بسبب مرض الزوج بالفصام العقلي
في قضية عرضت في المحكمة العامة في
محافظة الخرمة قدمت زوجة دعوى ضد زوجها
تقول فيها (إن المدعى عليه هو زوجي، وقد أنجبت منه بنت اسمها (...) مولودة في
تاريخ 22/2/1425 هـ،وقد هجرني هجراً کاملاً
منذ زمن لا أعلم مدته، وهو مريض نفسي بموجب التقرير الطبي الصادر من مستشفى الصحة
النفسية برقم (...) وتاريخ 24/9/1433هـ،
كما أنه يقوم بالاعتداء علي، وضربي باستمرار، وسیئ العشرة، ويتهمني في شرفي،
ويهددني بالسكين، كما قام بإغلاق أبواب المنزل علي؛ وحيث طابت نفسي من العيش معه،
وكرهته کرهاً شديداً، لا أستطيع العيش معه والقيام بحقوقه الزوجية؛ لذا أطلب فسخ نكاحي
منه، هذه دعواي.)
فأنكر المدعى عليه "زوجها" اعتداؤه عليها و
اتهامه لها و رفض أن يطلقها .
ثم قرر القاضي رفع الجلسة ..
ثم في الجلسة التالية حضر الطرفان ثم فجأة !! بدأ الزوج
يتكلم بكلام غريب أشبه بالهذيان !! فيقول (لا
تكتبوا شيئا، ولن أطلقها، ولن أحضر للمحكمة، والمرأة وأهلها فسقة مؤذين، وآذوني،
وأخذ يتأوه، ويتكلم بكلام غير لائق، ويقوم ويجلس، ويدور في مجلس الحكم، ويأتي إلى
طاولتي، ويضرب بها، ويحرك يده بوجهي، ثم يهم بالخروج أكثر من مرة دون إذن، فيرده
العسكري، ويتصرف تصرفات غير لاثقة، ولم يقطع حديثه طوال الجلسة، وإذا أرادت الزوجة
الكلام قاطعها وأسكتها، وكان يقول: طلاقها وفراقها لي أبعد عليها من السماء، ثم
استمر بالكلام طوال مدة الجلسة أكثر من نصف ساعة، ويعيد ويردد كلامه، ويقول: إن
هؤلاء ظلمة كذابين فسقة؛ يقصد الزوجة وأخاها، وأنا لن أوقع على ما تكتبون. )
وبسؤال الزوجة عن تاريخ
إصابته بما ذكرت من مرض نفسي قالت ( هو مصاب به بعد زواجي به بخمس سنوات، وأنا لا
أستطيع العيش معه أبداً على هذه الحال، وأطلب فسخ نكاحي منه؛ حيث تضررت من بقائي
تحت عصمته معلقة لا متزوجة ولا مطلقة لمدة أقل ما فيها أنها ثلاث سنوات، وأنا لم
أعد أطيق صبراً على هذه الحالة؛ حيث إني أخشى على نفسي من الفتنة، كما أخشى من
اعتدائه علي. )
ثم سألت المحكمة الزوج ( أعجب من المحكمة كيف توجه سؤالا إلى من لا يعقل ! ) هل هو مستعد بالطلاق دون عوض أو
الخلع بعوض؟
فأجاب (لن أطلق، ولن أخالع، وطلاقها منى
أبعد عليها من السماء، وإن كتبتم ما كتبتم فلن أطلق ولن أخالع، ولن أحضر الجلسات
بعد هذه الجلسة، ولو أدى ذلك إلى سجني.)
طلبت المدعية الكتابة لمستشفى الصحة
النفسية بالطائف فتمت الكتابة لهم.
ثم سألت المحكمة الزوجة هل لديها بينة على قيامه بضربها و
تهدیدها؟
فقالت ( و يا
لها من إجابة حكيمة ) ( ليس لدي بينة، ويغنيما قام به من
تصرفات لديكم في مجلس الحكم عن بينتي، فقد رأيتموه رأي العين، وإذا كان هذا تصرفه
معكم وداخل أروقة المحكمة وفي مجلس الحكم فماذا عساني أن أقول أنا المسكينة؛ إذ لا
حول لي ولا قوة، وأنا تضررت كثيراً من بقائي تحت عصمته؛ لا متزوجة ولا مطلقة، ولن
أعود إلى بيت الزوجية مهما كلف الأمر؛ إذ كيف أعود إلى بيت رجل مجنون يشكل خطراً
على حياتي، وأطلب فسخ نکاحي منه الآن. )
ثم جرت منا الكتابة لمستشفى الصحة
النفسية بالطائف للإفادة عن حالته فوردت إجابتهم بالخطاب المتضمن: أنه بالاطلاع
على الملف الطبي تبين أن المريض المذكور اسمه أعلاه راجع المستشفى لأول مرة بتاريخ
21 / 11 / 1432 هـ، وتقرر تنويمه في اليوم نفسه،
ولكنه خرج ضد النصح الطبي بتاریخ 24/11/1432هـ، وشخصت حالته مبدئياً(اكتئاب نفسي،
ولم يعط تشخیصاً نهائياً، وصرف له علاج لمدة أسبوعين على أن يراجع في العيادات
الخارجية؛ حرصاً على استقرار حالته، ولم يراجعنا منذ ذلك التاريخ (...) إلخ).
ثم جرت الكتابة مرة أخرى إلى مستشفى الصحة النفسية بالطائف فوردتنا إجابة إلحاقية أن المبين بياناته أعلاه راجعنا لأول
مرة بالمستشفى وبعد الفحوصات الطبية النفسية اللازمة شخصت حالته بـ(فصام عقلي).
فحكمت المحكمة ( فبناء على ما تقدم من الدعوى والإجابة، ولما
قرره الطرفان من عدم التوافق بينهما، وانعدام المودة والرحمة، ولما ظهر لي من
تصرفات الزوج المدعى عليه التي يظهر من خلالها أن قصده هو الإضرار والمضارة
بزوجته؛ حيث قال: طلاقها منى أبعد عليها من السماء، وقوله: لن أطلق، ولن أخالع؛
ونظراً إلى أن استمرار الحياة الزوجية على هذا الوضع أمر لا تتحقق منه مقاصد
النكاح في الشريعة الإسلامية من المودة والرحمة والسكن والعفة، مع ما في ذلك من
المضار النفسية والاجتماعية والجسدية على الزوجين، ولكون بقاء المدعية ناشزاً مع
طول المدة أمر غير محمود شرعاً مع ما ينشأ من الظلم والإثم والقطيعة بين الأسر،
وتوليد العداوة والبغضاء ، ولما ورد في التقارير الطبية المرصودة أعلاه؛ ولأن بقاء
المرأة على هذا الحال فيه ضرر عليها، والضرر يزال، ولقوله عليه الصلاة والسلام:
(لا ضرر ولا ضرار)؛ لذلك كله فقد حكمت بفسخ نكاح المدعية من زوجها المدعى عليه دون
عوض. )
للاطلاع على كامل صك الحكم اضغط هنا
تعليقات
إرسال تعليق