القائمة الرئيسية

الصفحات

 


بسم الله الرحمن الرحيم

النفقة الماضية للزوجة والأولاد

هذا ملخص لبحث فضيلة الدكتور / أحمد بن عبد الله الساعدي. القاضي بمحكمة الأحوال الشخصية بجدة .

تم تلخيصه بنقل مقتطفات منه بحروفه  . جعله الله في ميزان حسنات مؤلفه .

 

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عند كلامه عن النفقات الماضية: (( فلا بد من التفصيل في الماضي مطلقاً في هذا الباب، وهذه المعاني من تدبرها تبين له سر هذه المسألة، فإن قبول قول النساء في عدم النفقة في الماضي، فيه من الضرر والفساد، ما لا يحصيه إلا رب العباد[1]

 

القول الأول/ أن الأصل في نفقة الزوجة الماضية هو سقوطها، وعدم ثبوتها في الذمة؛ إلا إن فرضها حاكم، سواء أنفقت على نفسها، أم أنفق عليها أجنبي، وهو قول الحنفية، ورواية عن الإمام أحمد.

 

القول الثاني/ التفصيل: فإن أنفقت على نفسها من مالها أو استدانت، فالأصل أنها لا تقسط وتثبت النفقة في ذمة زوجها، وإن أنفق عليها أجنبي، فالأصل أنها لا تثبت في الذمة إلا بشروط وهو قول الجمهور.

 

القول الراجح: بعد تأمل أقوال الفقهاء ونصوصهم في نفقة الزوجة، يظهر أن القول الراجح هو قول الجمهور، وأن نفقة الزوجة هي نفقة معاوضة، فلا تسقط بمضي الزمان إذا أنفقت على نفسها من مالها، وأما إذا أنفق عليها أجنبي فلا تثبت بالذمة إلا بشروط.

المبحث الثاني: الأصل في نفقة الأولاد الماضية

إن الْصل في النفقة الماضية للأولاد هو السقوط مطلقاً ، وعدم الاستحقاق، إلا بفرض حاكم عند جمهور أهل العلم

 

المبحث الثالث: شروط المطالبة بالنفقة الماضية للزوجة والأولاد:

إن استحقاق النفقة الماضية للزوجة والْولاد له شروط وضوابط وضعها الفقهاء، فلم يتركوا الأمر مفتوحاً لكل من يريد المطالبة، وهي ثلاثة شروط:

الشرط الأول: ثبوت امتناع المنفق عن تسليم النفقة.

الشرط الثاني: أن ينوي المنفق على الزوجة والْولاد الرجوع فيما أنفق.

الشرط الثالث: أن يكون المنفق عليه قد وجبت له النفقة.

 

الشرط الأول/ ثبوت امتناع المنفق عن تسليم النفقة:

والمقصود بهذا الشرط، هو أن يكون المنفق على الزوجة أو الأولاد في الماضي، قد طالب المأمور بالنفقة، فامتنع عنها، إلا إذا كان المأمور بالنفقة غائباً لا يمكن مطالبته، فهنا يجب على المنفق أن يتجه للحاكم لأخذ الإذن بالنفقة، وهذا الشرط من الأهمية بمكان، فإن كثيراً من النساء تكف عن مطالبة زوجها بالنفقة عليها أو على أولادها، وليس بينها وبين مسكنه سوى مسافة يسيرة، وتَكث عند أهلها السنة والسنتين والثلاث، ثم إذا مضت السنوات تقدمت بدعوى لمطالبته بكل ما مضى، ألا إن سكوتها وعدم مطالبتها - مع قدرتها - يسقط حقها في النفقة الماضية، وإذا سُئلت لماذا لم تطالبي الزوج أو والد الأطفال بالنفقة؟ فتارة تجيب بعدم العلم، وتارة تجيب بالانشغال، وتارة تجيب بمنع أهلها لها (وهم الذين ينفقون عليها وعلى أطفالها)، وتارة تجيب بأنه يدفع رسوم المدارس الخاصة وغيرها من المصارف الجانبية، وخشيت أن يقطعها، وغير ذلك من الأعذار التي لا ترقى لتكون عذراً معتبراً.

ومما لمسناه في العمل القضائي هو أن المرأة - في الغالب - لا تسكت عن المطالبة بالنفقة إلا لمصلحة لها؛ ومثال ذلك: أن تسكت الزوجة عن المطالبة من أجل عدم المنازعة في الحضانة، كأن تكون قد تزوجت بأجنبي والمحضون معها، فخشيت إن طالبت بالنفقة أن يطالب الأب بحقه في حضانة المحضون، وهذا دليل على أن نيتها في النفقة ليست نية الرجوع، بل نية الحفاظ على الحضانة وعدم المنازعة، وهذا حال كثير من النساء المطالبين بالنفقات الماضية.

 

مسألة: مما ينبغي التأكد منه في النفقة الماضية للزوجة أن لا تكون ناشزاً:

ومن نصوص الفقهاء على هذه المسألة:

1 / قال ابن عبد البر رحمه الله : (( ومن نشزت عنه امرأته بعد دخوله بها سقطت عنه نفقتها إلا أن تكون حاملا ))

2 / قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : (( إذا لم تمكنه من نفسها أو خرجت من داره بغير إذنه: فلا نفقة لها ولا كسوة؛ وكذلك إذا طلب منها أن تسافر معه، فلم تفعل، فلا نفقة لها ولا كسوة، فحيث كانت ناشزاً عاصية له فيما يجب له عليها طاعته لم يجب لها نفقة ولا كسوة)).

 

الشرط الثالث: أن لا تكون الزوجة معه في منزله وقت الفترة المطالب بها:

إن الزوجة إذا كانت في بيت زوجها، تعيش معه وتأكل وتشرب، فلا يقبل قولها في عدم النفقة إلا ببينة على ذلك؛ لأمرين:

الأول/ أن الرجل مؤتمن على زوجته، في رعايتها وإطعامها، فالقول قول المؤتمن بيمينه، قال ابن تيمية رحمه الله : (( فقد أخبر أن المرأة عانية عند الرجل؛ والعاني الأسير وأن الرجل أخذها بأمانة الله فهو مؤتمن عليها ولهذا أباح الله للرجل بنص القرآن أن يضربها وإنما يؤدب غيره من له عليه ولاية؛ فإذا كان الزوج مؤتمنا عليها وله عليها ولاية: كان القول قوله فيما اؤتمن عليه وولي عليه كما يقبل قول الولي في الإنفاق على اليتيم)).

وقال أيضاً : (( إذا كانت المرأة مقيمة في بيت زوجها مدة تأكل وتشرب وتكتسي كما جرت به العادة؛ ثم تنازع الزوجان في ذلك فقالت هي: أنت ما أنفقت علي ولا كسوتني؛ بل حصل ذلك من غيرك. وقال هو: بل النفقة والكسوة كانت مني. ففيها قولان للعلماء: أحدهما: القول قوله وهذا هو الصحيح الذي عليه الْكثرون(( ثم قال رحمه الله : (( والصواب أنه يرجع في ذلك إلى العرف والعادة؛ فإذا كانت العادة أن الرجل ينفق على المرأة في بيته ويكسوها وادعت أنه لم يفعل ذلك فالقول قوله مع يمينه وهذا القول هو الصواب الذي لا يسوغ غيره )).

 

الثاني/ أن الأصل عدم النفقة، وأن ذمة الزوجة لا تبرئ إلا ببينة، ولكن الظاهر في هذه الحالة أن الزوج قد أنفق على زوجته، والظاهر الذي تقويه القرائن يقدم على الأصل.

 

شروط وجوب نفقة الأولاد والأقارب:

الشرط الأول: أن يكون المنفق عليه معسراً محتاجاً:

1 / قال ابن قدامة رحمه الله : (( ويشترط لوجوب الإنفاق ثلاثة شروط: أحدها، أن يكونوا فقراء، لا مال لهم، ولا كسب يستغنون به عن إنفاق غيرهم، فإن كانوا موسرين بمال أو كسب يستغنون به، فلا نفقة لهم؛ لأنها تجب على سبيل المواساة، والموسر مستغن عن المواساة )).

2 / قال ابن رجب رحمه لله : (( ومنها: أن القدرة على الكسب بالحرفة يمنع وجوب نفقته على أقاربه )).

الشرط الثاني: أن يكون المنفق موسراً

الشرط الثالث: أن يكون المنفق وارثاً

 

للاطلاع على البحث كاملا اضغط هنا



[1]  مجموع الفتاوي ( 34 / 81)

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات